لقد إنتقلت المدونة إلى الوردبرِس كليًا

لقد إنتقلت مدونة وساميات كليًا إلى الوردبرِس تابع الجديد من التدوينات هناك

الخميس، 24 أكتوبر 2013

التوحد مع الشتيمة

صورة لجدارية في بنغازي - المصدر: ويكيبيديا

كانت الشتيمة شكلا من أشكال التعبير عن السلطة المطلقة طوال التاريخ، فالإهانة لها أدوار مختلفة، لكنها تصب جميعها في إطار التحدي والاستعلاء وإذلال الآخر؛ كان صاحب السلطة يتعمد إهانة الاشخاص على مرأى من الناس، لإذلالهم، وتحذيرهم من مصير مماثل، إلا أنني لا أعتقد أن الشتيمة استخدمت في عهد من العهود كما استخدمت من قبل السلطة الليبية منذ نصف قرن تقريبًاً، وعلى مستويات مختلفة... منها ما يتعلق بالإخلاص للمبادئ والمجتمع، ومنها ما يتعلق بالاتجاهات الفكرية، ومنها ما يتعلق بالأخلاقيات وبالخصوصيات، إلا أن أكثرها استخداما في ظل دولة المخابرات الثورية السباب الجنسي، وخاصة في مجتمع له حساسيته كبيرة تجاهها.
السلطة التي تفرط في استخدام الشتيمة، تُرسِخ في المجتمع استخدامها كشكل من أشكال التعبير عن رفض الآخر وإقصائه، وخاصة بين الموالين لها، حيث تمنحهم شيئاً من سلطة إهانة معارضيها ..
والشتيمة كانت دومًا علامة فارقة للسلطة المستبدة، تترافق مع سلوكيات مهينة إذا وقعت الضحية بين أيديها، بداية من التعرية.. وانتهاء بالاغتصاب ..
لا شك أن معارضي السلطة أيضا يستخدمون نمطا من الشتيمة إزاءها، لكنها شتائم ذات دلالات مغايرة تتقصد إظهار مظالمها وتعدياتها وارتباطاتها المشبوهة، وأحياناً تكون كنوع من إعلان القطيعة معها على نحو الجملة الشهيرة خلال أشهر الحرب: ‘‘بُّوشَفشُوفَة كَفْنَه في الخيمة المعفنة‘‘، فهي شتيمة واضحة الدلالة تتقصد رفض الروح الخبيثة والملوثة التي نفثها وكرسها القذافي في بنية السلطة التي مارسها وأورثها لأبنائه ..
والشتيمة أصبحت ايضا علامة فارقة ، وتحمل شيئا من الاتهام ، بل ربما تصبح مستندا للاتهام العشوائي ، وخاصة إذا كانت تدل على اتجاه سياسي مغاير .. على نحو:
امبريالي صهيوني رجعي خائن... الخ، وأيضا كنوع من التصنيف مثل أصولي ملحد ارهابي... الخ، لكن الأكثر تداولاً وانتشارًا كانت الشتيمة الجنسية ربما لأن مستخدميها أكثر اهتماما بهذا البعد عن غيره..
خلال العقود الأربعة الماضية كان استخدام الشتائم المقذعة نوعًا وكمًا دليلاً على مدى الاقتراب من نواة السلطة، فكلما زادت سلطة أي مسؤول فيها كان يترك العنان للسانه أن يفرط أكثر وينوع أكثر في استخدام الشتيمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق